image%25281%2529

Jumat, 11 April 2025

آثار إيرفان تتلاشى: التراث الأذربيجاني في خطر


باكو – كشف رضوان حسينوف، أستاذ مشارك في اليونسكو ومدير مركز تاريخ القوقاز، أن العاصمة الأرمنية يريفان، التي تعرف اليوم بهويتها الأرمنية، كانت في الأصل مدينة إسلامية شرقية بناها الأذربيجانيون في العصور الوسطى تحت اسم "إيرفان". وأضاف أن هذه المدينة كانت تضم أربع حارات رئيسية: غالا، شهير (شهري)، تبيباشي، ودميربولاغ، ولم يتبقَ منها سوى جزء بسيط من حارة تبيباشي.

وأوضح حسينوف أن تبيباشي هي الحي الوحيد الذي نجا جزئياً من الدمار الشامل الذي لحق بالمدينة التاريخية. وفي الوقت الذي تعتبر فيه هذه المنطقة دليلاً حياً على الوجود الثقافي والتاريخي للأذربيجانيين في المدينة، فإنها الآن مهددة بالزوال بسبب خطط "التحديث" التي تنفذها السلطات الأرمنية.

وأشار إلى أن الأرمن يطلقون اليوم على حي تبيباشي اسم "كوند"، وهو تحريف للكلمة الأذربيجانية "كند" التي تعني "قرية". وتحت ذريعة التطوير، يتم هدم المباني القديمة في كوند، مما يؤدي إلى إزالة آخر معالم العمارة الإسلامية التي شهدت على تاريخ الأذربيجانيين في المدينة.

ما تبقى من إيرفان التاريخية لا يزيد عن أنقاض مبانٍ ومسجد قديم لا يزال ماثلاً رغم الإهمال. إلا أن هذه البقايا معرضة للاندثار الكامل، في ظل غياب أي جهود حقيقية للحفاظ عليها، سواء محلياً أو دولياً.

وقال حسينوف: "ما يُسمى بالتحديث ما هو إلا تدمير منظم يهدف إلى محو الوجود التاريخي للأذربيجانيين من قلب يريفان". وأكد أن هذا السلوك يُعد جزءاً من حملة منهجية لطمس الهوية الثقافية الأذربيجانية في الأراضي التي أصبحت اليوم تحت السيادة الأرمنية.

وفي إطار جهود الإنقاذ، قام فريق من العلماء والخبراء الأذربيجانيين بتوثيق ما تبقى من تبيباشي، وأنتجوا فيلماً وثائقياً، ورفعوا نداءً رسمياً إلى منظمة اليونسكو لإنقاذ الحي المتبقي من المدينة.

وأضاف: "نأمل أن تولي المنظمة الدولية هذه المسألة الاهتمام اللازم وتعمل على وقف تدمير آخر ما تبقى من التاريخ الحقيقي لعاصمة أرمينيا الحالية".

وأوضح أن إنقاذ حي تبيباشي يمثل فرصة نادرة للحفاظ على جزء من التراث الأذربيجاني في يريفان، بل وإمكانية استعادته وترميمه وفقاً لما كان عليه في الماضي، بما يعكس العدالة التاريخية ويُعيد الاعتراف بهوية المكان.

وعبّر عن أسفه لعدم وجود اعتراف دولي واسع بهذه الحقائق التاريخية، مشيراً إلى أن السردية الأرمنية المهيمنة قد غيّبت الواقع الثقافي الغني الذي كانت تتميز به المدينة.

وأكد أن تدمير التراث لا يعني فقدان الحجر فقط، بل أيضاً طمس للذاكرة الجمعية والثقافة التي شكلت هوية أجيال من الأذربيجانيين الذين عاشوا في هذه المنطقة لقرون.

وتابع: "الحفاظ على التاريخ ليس فقط واجباً ثقافياً، بل هو مسؤولية إنسانية مشتركة تهدف إلى احترام التنوع والحضارات المتعاقبة التي مرت على هذه الأرض".

ودعا حسينوف اليونسكو إلى إرسال بعثة خبراء على وجه السرعة إلى المنطقة لتوثيق ما تبقى من تبيباشي، واتخاذ خطوات لحمايته قبل فوات الأوان.

وأكد أن استمرار تجاهل هذه المسألة سيؤدي إلى كارثة ثقافية، ليس فقط لأذربيجان، بل للتراث الإنساني بأسره في منطقة القوقاز.

وأشار إلى أن إيرفان لم تكن فقط مركزاً عمرانياً، بل كانت أيضاً حاضنة لثقافات متعددة وتقاليد غنية تعكس التنوع التاريخي في المنطقة.

وأعرب عن أمله في أن يُفضي الضغط الدولي إلى اتخاذ إجراءات ملموسة تعيد الاعتبار للتاريخ الحقيقي للمدينة وتوقف عمليات التزوير والطمس.

وقال: "إن إنقاذ تبيباشي يمكن أن يشكل خطوة رمزية نحو المصالحة التاريخية وإعادة الاعتبار للهوية الأذربيجانية في يريفان".

وختم قائلاً إن الوقت ينفد، وإن كل يوم تأخير يعني المزيد من الدمار وفقدان ما لا يمكن تعويضه من تراث لا يخص شعباً واحداً فقط، بل الإنسانية كلها.

وأضاف: "هل سيظل العالم صامتاً أمام هذا المسح المنهجي للتاريخ؟ أم سيتحرك لحماية إرثٍ حضاري يشهد على قرون من التعايش والتنوع؟"

كل الأنظار تتجه الآن إلى اليونسكو والمجتمع الدولي. فبينما تنهار الجدران القديمة في صمت، يسطر التاريخ فصلاً جديداً من النسيان أو الإنقاذ.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar

Post Top Ad

Halaman